عاد الزوج (محمد) لمنزله متأخرا من الليل وكالعادة كانت زوجته (سارا) بانتظاره...بعد أن أعدت له طعام العشاء.
أمسك بيد زوجته وأخبرها أن لديه شيئا ربما يقوله لها.
جلست (سارا) بهدوء تام منتظرة وسارحة بفكرها ومتسمرة عينيها وزوجها ينظر ملامح الألم في عينيها مما شعر معه أن الكلمات تجمدت بلسانه...ومع هذا فكر كثيرا في لحظة عصيبة بأن يخبر زوجته بما في جعبته.
قال لها وكأن هناك شيئا وقع.
(سارا) أريد أن أطلقك ...حقيقة خرجت هاتان الكلمتان من فم الزوج (محمد) بهدوء تام ...لكن لم يظهر على زوجته (سارا) أي امتعاض أو تضايق بما سمعته...لكنها بادرت زوجها محمد قائلة له "لماذا ؟".
نظر الزوج إليها طويلا متجاهلا سؤالها كثيرا مما دفعه للغضب الشديد بعد أن ألقت الزوجة ملعقة الطعام وصرخت بأعلى صوتها في وجه زوجها قائلة له " أنت لست برجل".
مرت ليلة عصيبة على الزوجين حيث لم يتبادلا هذه الليلة الحديث سويا كما جرت العادة.
وكانت الزوجة تنحب بالبكاء الشديد ربما تفكر في الصاعقة التي ألمت بهذا الزواج ...والزوج كان بالكاد يعطيها سببا حقيقيا يرضيها في هذه اللحظة القاتلة .
لأنه شعر مع هذا أن زوجته لم تعد كالسابق تملك قلبه فقلبه الآن تملكه امرأة أخرى اسمها (لجين).
كما شعر بأنه لم يعد يحب زوجته مثل السابق لكونه أحس بالغربة معها وكأنه يعيش حالة غربة في وطن غير وطنه تماما وشعوره حاليا لم يكن يتعدى الشفقة على زوجته.
في اليوم التالي وبإحساس غريب عميق بالذنب يتملك الزوج جاء ليقدم لزوجته أوراق اعتماد صك الطلاق لكي توقع عليه ويحمل بين طياته إقرارا جاء كالتالي:
أقر أنا الزوج (محمد) لزوجتي (سارا) بأن أعطيها المنزل هذا الذي تسكن فيه والسيارة و30 % من أسهم الشركة التي أملكها.
ألقت الزوجة لمحة عابرة على تلك الأوراق ثم قامت بتمزيقها ورمتها في وجه زوجها .
مشيرة إلى أنها قد قضت معه عشرة عمر من عمر زواجهما ...الآن ...الآن أصبحت بجرة قلم غريبة عنه.
أحس الزوج بالأسف لما قالته ومحاولتها هدر الوقت والجهد في أمر سيصبح مفعولا .
فما تفعله جميعه لن ولم يغير حقيقة اعترافه بحبه لغاليته الجديدة (لجين).
انفجرت زوجته أمام زوجها بالبكاء الشديد متوسلة له ثنيه عن هذا الأمر الصعب الذي لم تتوقع أن يفعله يوما .
بالنسبة للزوج كان بكاء زوجته مصدر راحة لأنه يعطي مؤشرا على أن فكرة الطلاق التي كانت تراوده أسابيع طويلة قد بدأت حقيقة ملموسة أمام زوجته.
في اليوم التالي عاد الزوج لمنزله في وقت متأخر من الليل ليجد زوجته منكبة تكتب شيئا (ما).
لم يتناول ليلتها طعام العشاء مثل العادة وذهب فورا للنوم ...وسرعان ما استغرق بالنوم لشعوره بالتعب جراء قضاءه يوما حافلا وسعيدا بصحبة الحبيبة الجديدة (لجين).
فتح عينيه الزوج في منتصف الليل ليجد زوجته على حالها تكتب بل مازالت تكتب.
في البداية لم يكترث الزوج لها كثيرا وأكمل نومه مرة أخرى غير عابئا بما تكتبه.
في الصباح جاءت الزوجة وقدمت لزوجها شروط الطلاق لقبول مبدأ الطلاق... كما تراها هي وليس من رؤيته الخاصة.
لم تريد شيئا كما تصوره الزوج سوى منحها شهرا واحدا فقط.
فقد طلبت منه في هذا الشهر شرطا واحدا بأن يجب عليه أن يفعل ما في وسعه حتى يعيش معها حياة طبيعية بقدر الإمكان مثل أي زوجين وكأي بداية لزواجهما تماما.
كان سبب طلبها بسيطا جدا لأن ولدهما سيخضع للاختبارات في المدرسة...وهي لا تريد أن يؤثر الطلاق على أدائه في المدرسة.
لاقى طلب الزوجة قبولا لدى الزوج لكنها مع هذا أخبرته بأنها تريد أن يقوم الزوج بشيء آخر لها .
طلبت من زوجها أن يتذكر كيف حملها بين ذراعيه في صباح أول يوم من زواجهما.
ثم طلبت منه أن يحملها لمدة شهر واحد من غرفة النوم إلى باب المنزل.
اعتقد الزوج للوهلة الأولى بأن زوجته قد فقدت عقلها لسذاجة طلبها وشرطها هذا.
لكن وافق الزوج حتى يجعل بقية هذه الأيام تمر معا بسلاسة عليه قبل أن ينفذ طلبها الأكثر غرابة.
ذهب الزوج إلى حبيبته الجديدة (لجين) في يومها ليخبرها عن طلب زوجته لكي تتم إجراءات الطلاق.
فضحكت (لجين) يومها عن طلب زوجته الغريب وقالت باستهزاء بأن ما تطلبه زوجتك شيء سخيف... ولأن مهما حاولت فعله بسخافة أو دهاء لن يغير حقيقة الطلاق لكونه واقع لا محالة .
لم تكن هناك في هذا الشهر أي اتصال جسدي منذ أن أعرب الزوج لها عن نيته في طلاقها.
لكن حينما حملها بين ذراعيه في أول يوم تنفيذا لشرطها أحس زوجها معها بالارتباك التام.
تفاجأ ولدهما الوحيد بالمشهد عندما رأى والده يحمل والدته ليصفق ويمشي خلفهما صارخا فيهما فرحا: " أبي يحمل أمي بين ذراعيه ".
كلمات الابن أشعرت الأب بشيء من الألم.
حمل الزوج زوجته من غرفة النوم إلى باب المنزل مرورا بغرفة المعيشة ومشى بها مقدار عشرة أمتار وهي قابعة بين ذراعيه يحملها...أغمضت الزوجة عينيها وقالت لزوجها بصوت ناعم خافت لا تخبر ولدنا عن الطلاق الآن...أومأ الزوج لها بالموافقة مع الإحساس بألم يتملكه.
بعد ذلك وقفت الزوجة تنتظر وتنظر إلى زوجها وهو يقود سيارته ذاهبا إلى مكتبه.
في اليوم التالي تصرفا الزوجين بشكل طبيعي حيث وضعت الزوجة رأسها على صدر زوجها بذلك استطاع الزوج أن يشم عبق عطرها انتشاء فأدرك لحظتها أنه لم يكن يمعن النظر جيدا منذ زمن بعيد.
كما أدرك أن زوجته لم تعد شابة حيث كسا وجهها رسوم خطوط ضعيفة من الكبر مع الهزل كما غزا بعض اللون الرمادي بعض شعرها بمعنى أنه أخذ الزواج منها مأخذه من شبابها .
تساءل الزوج حينها ماذا فعل بها هكذا ؟.
في اليوم الرابع عندما حملها زوجها أحس بإحساس الألفة والمودة يتملكه اتجاهها...فهي المرأة التي منحته عشرة عمرها.
في اليوم الخامس والسادس شعر الزوج بأن إحساسه بالمودة والألفة أصبح ينمو مرة أخرى كما ينمو الزرع جمالا.
لم يخبر هذه المرة "لجين" عن ذلك.
وأصبح حمل الزوجة صباح كل يوم يكون سهلا أكثر من أي يوم مضى وأكثر مع مرور مهلة الشهر وفق طلب الزوجة...ربما التمارين اليومية لحمل الزوجة جعلته قويا بذلك سهل حملها كثيرا.
في صباح أحد الأيام جلست الزوجة تختار ماذا تلبس لزوجها ...فقد جربت عددا لا بأس به من الفساتين لكنها لم تجد ما يناسبها فتنهدت بحسرة قائلة: كل الفساتين أصبحت كبيرة علي ولا تناسب جسمي النحيل...فأدركت فجأة أنها أصبحت هزيلة مع مرور الوقت...وهذا ربما هو السبب في سهولة حملها.
فجأة استوعبت أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها... لا شعوريا وضع الزوج يده أثناء حملها على رأسها بحنان.
في هذه اللحظة دخل الابن وقال: أبي حان الموعد لتحمل والدتي خارج الغرفة.
بالنسبة للولد أصبح مألوفا من حياته كون والده يحمل أمه يوميا.
طلبت الزوجة من الابن أن يقترب منها وحضنته بقوة ...لكن الزوج أدار وجهه عن هذا المنظر لخوفه من تغيير رأيه في هذه اللحظة الأخيرة.
ثم حملها الزوج بين ذراعيه وأخرجها من غرفة النوم إلى الباب الخارجي مرورا بغرفة المعيشة والزوجة تطوق عنق زوجها بيديها بنعومة وطبيعية.
ضم الزوج جسد زوجته بقوة وكان إحساسه بها مثل إحساسه في أول يوم زواج بينهما.
لكن الزوجة خف وزنها مما جعله أكثر حزنا.
في آخر يوم حينما حمل الزوج زوجته بين ذراعيه لم يستطع أن يخطوا بها خطوة واحدة فالابن قد ذهب للمدرسة .
ضمها بقوة وقال الزوج لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة.
قاد الزوج سيارته وترجل منها بخفة ولم يغلق الباب الخلفي خوفا من أية تأخير قد يكون السبب في تغيير رأيه الذي عزم عليه ألا وهو الطلاق.
صعد السلالم بسرعة ...فتحت "لجين" الباب وهي تبتسم وبادرها قائلا : آسف لجين لكن لم أعد أريد أن أطلق زوجتي.
نظرت لجين إليه مندهشة من عودته عن قراره الذي سيتخذه سلفا باتفاق الطرفين ومدت يدها لتلمس جبهة محمد وسألته : هل أنت يا محمد محموما.
رفعت يدها عن جبين محمد وقال لها: أنا حقا آسف لجين لكني لم أعد أريد طلاق زوجتي.
مردفا قائلا: ربما كان الملل قد تسلل إلى زواجنا ولأنني وزوجتي لم نكن نقدر الأشياء الصغيرة الحميمة التي كانت تجمعنا...وليس لأننا لم نعد نحب بعضنا .
الآن أدركت أنه بما أنني حملتها بين ذراعي في أول يوم زواج لنا فلا بد لي أن أستمر في حملها حتى آخر يوم في عمرنا.
عليه أدركت لجين صدق ما أشار به الزوج محمد وعلى مدى قوة قراره .
عندها صفعت وجهه صفعة قوية وأجهشت بالبكاء وأغلقت الباب في وجهه بقوة ...تاركة محمد خلفها.
بعد ذلك نزل السلالم وقاد محمد سيارته مبتعدا ...لكنه توقف عند محل لبيع الزهور في الطريق لمنزله واختار باقة من الورود الجميلة لزوجته.
سأله بائع الزهور ماذا ستكتب في البطاقة...فابتسم وكتب سوف أستمر أحملك وأضمك بين ذراعي كل صباح إلى أن يفرقنا الموت.
وصل محمد إلى منزله حاملا معه باقات من الورود بين يديه مع ابتسامة تعلو وجهه .
ركض مسرعا إلى زوجته فوجدها ممدة وقد فارقت الحياة في فراشها .
لماذا؟
لأن الزوجة كانت تكافح مرض السرطان لعدة أشهر طويلة دون أن تخبر زوجها بالأمر.
والزوج محمد هو الآخر كان مشغولا مع حبه الجديد لجين .
والزوجة لاحظت أنها ستموت قريبا وفضلت أن تجنب زوجها وابنها أي ردة فعل سلبية مع التأنيب في حال مضيا في موضوع الطلاق وليظل الحب في عين زوجها وعين ابنها إلى الأبد.
(( منقولة بتصرف) لاتخاذ العبرة منها
إعداد مغلي الجميع/ ابو د. بدر ... فالح الخطيب
الفيس بوك
http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644
مدونة أرهامونت
http://faleh49.blogspot.com/
تويتر
https://twitter.com/faleh49
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق