الخميس، 30 أكتوبر 2025

كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات  لأرهامونت... (3332 ( حياتنا بين التوثيق والمشاركة


لم نعد نعيش الحياة، بل نوثق ما يحدث فيها، بل صرنا نطارد اللحظة لنظهرها لا لنشعر بها، بل وهبنا خصوصيتنا طواعية، وتركنا العفوية على عتبة التصوير، تحولت الحياة إلى مشهد والتجارب إلى المحتوى والمضمون، والمشاعر إلى مادة استهلاك، وكلما أحكمنا توثيق اللحظة خسرناها، هكذا هي حياتنا بين كذا وبين الكاميرا.


لقد التقطت جوهر التحول الذي نعيشه في زمن التوثيق والمشاركة الدائمة، حيث أصبحنا نعيش للحظة الظاهرة لا للحظة الحقيقية، ما كتبته هنا أقرب إلى مقطع تأملي أو خواطر فلسفية قصيرة، فلم نعد نعيش اللحظة، بل نوثقها، وكلما أحكمنا توثيقها، خسرناها، بل خسرنا أنفسنا، وصرنا نطارد اللحظة لنظهرها لا لنشعر بها، لأن الحياة تحوّلت إلى مشهد، والمشاعر إلى مادة استهلاك.

 

العفوية ماتت عند عتبة الكاميرا، نُهدي خصوصيتنا طواعية ونظن أننا نحتفظ باللحظة، بينما نحن نضيّعها، والحياة ليست محتوى، ولا التجارب مضموناً للعرض، فالحياة أن تُعاش، لا أن تُوثَّق، وكل صورة جميلة هي لحظة مفقودة من العيش، فهل نملك ما هو أبقى من الذكرى الحقيقية؟، لأننا نعيش وكأننا خلف الكاميرا دائماً، نُخرج مشهداً لا حياة، فصار التوثيق أهم من التجربة نفسها، ومع كل لقطة نخسر جزءاً من العفوية.

 

كأننا نعيش للحكاية لا للحياة، وللصورة لا للحظة، فالمشاعر تحوّلت إلى محتوى، والذكريات إلى مادة استهلاك سريع، واللحظة لا تُحفظ في ملف، بل تُحفظ في القلب، وعندما نطارد اللحظة بالكاميرا، تهرب منا بالروح، والخصوصية التي فقدناها لم تُسرق، بل نحن من وهبناها، لأن التجربة حين تُوثَّق، تفقد براءتها.

 

أجمل اللحظات تلك التي لا تُصوَّر ولا تُروى، بل تُعاش فقط، وما قيمة ذكرى محفوظة في صورة، إن كانت الروح غائبة عنها؟

الفيس بوك

http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644

تويتر

https://twitter.com/faleh49

مدونة أرهامونت

 http://faleh49.blogspot.com/

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق