الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات  لأرهامونت... (3432 ( وجوه الغربة، وجعٍ لا يُرى  1

 

ليست الغربة مجرّد انتقالٍ من وطنٍ إلى آخر، ولا مجرّد مسافة تُقاس بالأميال، بل الغربة حالة شعورية معقّدة، تنمو في الداخل مثل ظلٍّ طويل لا يمكن الفكاك منه أبداً، وهي امتحانٌ لنضج الإنسان وقوّته.

 

 وفي الوقت نفسه هي جرحٌ مفتوح لا يلتئم مهما طال الزمن، إنّها التجربة التي تُعرّي الروح من أوهامها، وتضعها أمام حقيقتها الأولى، إنها هشاشة القلب حين يبتعد عن جذوره.

 

يبدأ المغترب رحلته على أمل؛ أملٌ في رزقٍ أوسع، وفي فرصةٍ أفضل، أو في حياةٍ أكثر استقراراً، لكن الطريق لا يكشف أسراره دفعة واحدة، بل يتركها تتسرب له بالتدريج؛ في لحظة ليلٍ طويل، في موقفٍ صغير، في هدوءٍ مؤلم، أو في صوتٍ يأتي من بعيد يحمل رائحة الوطن، هنا يدرك المغترب أن الغربة ليست مجرد سفر، بل انفصالٌ عن حياةٍ كاملة حقيقة.

 

يكتشف الإنسان في الغربة أن أكثر ما يؤلمه ليس البعد الجسدي، بل البعد العاطفي، فالوطن ليس في مبانيه، بل في تفاصيله الصغيرة، ربما في فنجان قهوة مع الأم، أو ضحكة عابرة مع الأب في المساء، أو صوت الإخوة حول المائدة، أو طرقات الجيران القديمة، ورائحة البيوت حين تمطر السماء، كلها تفاصيل لا ندرك قيمتها إلا حين نصبح غرباء عنها، كأن الحياة نفسها تسلبنا بعضاً من دفئها.

 

وفي الغربة، يصبح الليل مختلفاً، فهو لا يحمل الهدوء، بل يفتح أبواب الذاكرة على مصراعيها، كل لحظةٍ تمرّ فيها صورة شخصٍ يحبه، أو ذكرى كانت بسيطة ذات يوم، تتحوّل إلى وخزةٍ في القلب لا يمكن تجاهلها.

 

هناك في داخله سؤالٌ لا يهدأ، متى يعود؟ وهو سؤال لا يملك المغترب إجابته، فيواصل يومه محاولاً إقناع نفسه أن الصبر يكفي، وأن الغد ربما يحمل ما ينتظر.

الفيس بوك

http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644

تويتر

https://twitter.com/faleh49

مدونة أرهامونت

 http://faleh49.blogspot.com/

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق