كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات لأرهامونت... (3429 ( بين القهوة والاسم، هناك من يصنع القيمة حقاً؟
لم تعد القهوة في زمننا مجرّد مشروبٍ يُقدَّم لبدء النهار أو كسر رتابة اللحظة، بل أصبحت مسرحاً واسعاً للتسويق ومجالاً خصباً للابتكار في الأسماء والطرق، ومن بين هذه المسميات اللافتة يبرز تعبير مثل، (قهوة وخواضة على طريقة الشامخة)؛ عنوان يلمع كقطعة زجاج تحت الشمس، يخطف الأبصار سريعاً، لكنه لا يكشف الكثير عمّا خلفه.
فالاسم قد يصنع ضجة، لكنه لا يصنع الجودة، وقد يربك المستهلك بجرعة من البهرجة اللفظية، لكنه لا يغيّر حقيقة أن من يقف خلف كل هذا هو شخص بسيط، يسعى برزقه، ويقدّم جهده بصدق، ويضع بين يدي الزبون كوباً من القهوة يحكي قصة تعب وجهد قبل أن يحكي نكهة.
وإن التسويق اليوم لا يعتمد فقط على المنتج، بل على الحكاية المحيطة به، وفي الحقيقة، لا شيء أكثر صدقاً من حكاية العامل/ العاملة.. الذي يبدأ يومه قبل ضوء الشمس، يشعل النار، ويضبط المقادير، ويمنح القهوة روحاً جميلة لا يمكن للعلامات التجارية البراقة أن تمنحها.
تلك العاملة هي - القيمة الحقيقية - التي يتجاهلها كثير من المسوقين حين يركضون خلف زخارف العناوين دون الالتفات إلى الإنسانة التي تصنع تجربة القهوة فعلياً، ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن التسويق الذكي قادر على تحويل أبسط المهن إلى علامات تجارية لافتة، بشرط واحد، أن يكون صادقاً، وأن يحمل رسالة تحترم جهد العامل/ العاملة بدل أن يستغل بريق الاسم.
والأسماء الفاخرة، مهما طال بريقها، تبقى مجرد واجهة، أمّا الجودة فهي ما يُقال عنها بصمت بعد أول رشفة من القهوة، هي ما يجعل الزبون يعود لا لأن الاسم أثار فضوله، بل لأن المذاق لمس شيئاً في ذاكرته، وهي ما يجعل البسيط أجمل من المتكلف، والصادق أعمق من المصطنع.
إننا اليوم بحاجة إلى إعادة الاعتبار لا إلى الكلمات الجميلة، بل إلى اليد التي تعمل، إلى الإنسانية التي تختبئ خلف ماكينة القهوة أو قدر الخواضة، لا إلى اليافطة المعلقة فوق الرأس، لأن المهن الشريفة التي تبنى على الجهد والرزق النظيف تستحق تسويقاً يحترمها، لا تسويقاً يجعلها مجرد عنوان لامع في سوقٍ مزدحم بالشعارات التجارية.
ولهذا، حين نسمع مسميات مثل (قهوة وخواضة على طريقة الشامخة) يجدر بنا أن نبتسم، لا إعجاباً بالمسمّى، بل تقديراً لمن يصنع القهوة، ويرسم بابتسامته وتجربته قيمةً لا يمكن لأي كلمة مسوّقة أن تضاهيها.
الفيس بوك
http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644
تويتر
مدونة أرهامونت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق