الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات  لأرهامونت... (3421 (  الإحسان عند الإساءة

 

إنَّ الإحسان لمن أحسن إلينا خُلقٌ يجيده الكثيرون، فهو ردّ جميل بجميل، ودَين يُرَد بيسر وسهولة، لكن الإحسان لمن أساء إلينا، ذاك المقام الرفيع الذي لا يبلغه إلا أصحاب القلوب الرحبة، والنفوس الكبيرة، والعقول التي تترفّع عن الصغائر، فالعظمة لا تنكشف في أوقات الراحة، بل في اللحظات التي يشتد فيها الامتحان، ويظهر فيها المعدن الأصيل؛ حين يكون المرء قادراً على الردّ، ليختار الحِلم على الانتقام، ويختار العفو ضد ما أؤذي به، ويختار اللين ضد الأشياء المؤذية للطرف الآخر.

 

وليس الشديد من يُصرع الناس بقوته، بل الشديد من يملك نفسه عند الغضب، ويكبح انفعاله، ويجعل من إساءة الآخرين سُلّماً يرتقي به لا حجراً يعثر عليه، فالإحسان عند القدرة شرف، والعفو عند القدرة تاج بل من مكارم الأخلاق، وردّ الجفاء بطيبة هو دربٌ لا يسلكه إلا النبلاء الذين يملكون قلوباً أوسع من الأذى، وأكبر من الجراح.

 

إن ردّ الإحسان بالإحسان أمرٌ مألوف، لكنه لا يكشف عن شيء استثنائي في النفس، أما الجميل حقاً، فهو أن تهدي خيرك لمن آلمك، وأن تحفظ نقاءك بالرغم من تلك العثرات، وأن يظل عطاؤك ثابتاً حتى مع من تغيّر عليك أو أساء إليك، فليس كلُّ إساءة تُجابَه بالذات نفسها، وليس كلُّ كلمة تُرَدّ، إذ قد يكون الصمت أبلغ من أي ردّ، وقد يكون الإحسان أعظم رسالة، وقد يكون التجاوز أرفع من أي انتقام.

 

العظماء ليسوا أولئك الذين تُنصفهم الأيام، بل الذين يُنصفون أنفسهم أمام قيمهم، ويحافظون على سموّ أخلاقهم مهما اختبرتْهم المواقف، هم الذين يعاملون الآخرين بما يليق بهم هم، لا بما يليق بغيرهم، فيرتفعون فوق القسوة، ويتسامون فوق العثرة، ويغفرون بقلوب مطمئنة، ثم يمضون بسلام، لأنهم يؤمنون أن جمال النفس لا يُقاس بكثرة الردود، بل بكثرة ما نردّه إلى الله من حِلم وصبر ورفق.

 

هؤلاء هم أصحاب المروءات العالية الذين لا تغيّرهم الإساءة، ولا تُطفئ نورهم الجراح، ويبقون مهما حدث يُحسنون، ويُعطون، ويُسامحون، ثم يرحلون بسلامٍ يليق بقلوبهم العظيمة.

الفيس بوك

http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644

تويتر

https://twitter.com/faleh49

مدونة أرهامونت

 http://faleh49.blogspot.com/

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق