الاثنين، 15 ديسمبر 2025

كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات  لأرهامونت... (3431 ( حين يختلط الشغف بالشعف، قراءة في حماسات البدايات وحقائق الاستمرار

 

تشهد حياتنا اليومية نماذج كثيرة لأشخاص يبدأون الطريق بحماسة عالية، ثم يتراجعون عند أول اختبار، هذه الظاهرة، رغم تكرارها، ما زالت تُفسَّر غالباً على أنها نقص في القدرات أو سوء تخطيط، غير أن جذورها في الحقيقة ترتبط بما يمكن تسميته بوهم الشغف؛ ذلك الشغف الذي لا يصمد ما دامت حرارة الشعف مشتعلة في هذه الحياة.

 

فالبدايات عادةً تحمل بريقاً خاصاً؛ اندفاع، طاقة، ورغبة في الإنجاز، لكن هذه الحالة لا تمثل بالضرورة شغفاً راسخاً، بل قد تكون مجرد إثارة آنية تُشبه الوميض الذي يبهر العين لكنه لا يضيء الطريق، ومع مرور الوقت تتكشف الفروق الدقيقة بين من يحمل شغفاً حقيقياً وبين من خُدع ببهرجة الشعف.

 

الشغف الأصلي لا يُقاس بارتفاع الصوت في البداية، بل بقدرة صاحبه على الاستمرار حين يهدأ الضجيج، بحيث لا يذوب مع ضغوط العمل، ولا ينطفئ مع صعوبة الطريق، إنه طاقة تأسيس، وليست مجرد دفعة أولى. أما الشعف فهو أقرب إلى انفعالٍ طارئ، يصنع صورةً متخيلة للإنجاز، دون أن يمتلك الأدوات أو الرؤية التي تحفظ جذوة السير نحو تحقيق الهدف.

 

ومن الملاحظ أن المجتمعات الحديثة، بفضل كثافة المحتوى وتدفق المؤثرات، أصبحت تمنح اللحظة قيمة تفوق حقيقتها، فصور النجاح السريع، وترويج قصص القفزات المفاجئة، أوجدت وعياً زائفاً يدفع الكثير إلى الركض نحو مجهول، بدافع الشعف لا الشغف، والنتيجة، مشاريع تبدأ بقوة وتنهار في منتصف الطريق، ومواهب تُهدر لأنها بُنيت على وهج لا على جذور.

 

إن الفرق الجوهري بين الشغف والشعف يكمن في اختبار الزمن لهما، لأن ما يبقى بعد انطفاء الحماسة هو ما يستحق البناء عليه، وما يتلاشى سريعاً يكشف هشاشته، مهما بدأ براقاً في لحظاته الأولى، ولهذا، فإن كل نجاح حقيقي يبدأ بقرار واعٍ، قرار التفريق بين ما نريد لأنفسنا فعلاً، وما ننجذب إليه لأن لحظته كانت لامعة.

 

وعليه يبقى الشغف عاملاً جوهرياً في تحقيق الإنجاز، لكنه لا يعمل وحده، بل يحتاج إلى صبر، وخطة، ووعي بالمطبات، أما الشعف، فمهما كان جميلاً في البداية، يبقى مجرد شرارة، تنطفئ بمجرد أن تهب أول ريح.

الفيس بوك

http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644

تويتر

https://twitter.com/faleh49

مدونة أرهامونت

 http://faleh49.blogspot.com/

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق