كل يوم على المحبة نلتقي لنرتقي...تغريدات لأرهامونت... (3433 ( وجوه الغربة، وجعٍ لا يُرى 2
أما الوجع الأكبر، فهو ذلك الشعور الخفي الذي لا يُشرح لأحد، هو أن يكون قوياً من الخارج، في حين ينكسر من الداخل كلما سمع صوتاً من الماضي، لأن القوة في الغربة ليست بطولة، بل ضرورة.
يبتسم المغترب لأن خلفه قلوباً لا يريد أن يثقل عليها، ويعمل أكثر مما ينبغي لأنه يعرف أن هناك من يعتمد عليه، ورغم ذلك، يظلّ يحمل الشوق كتفصيلةٍ ثابتة من تفاصيل حياته لا يمكن محوها.
الغربة يا سادة يا كرام هي من تغيّر الإنسان بطريقة لا يدركها إلا من عاشها، فهي تسرق منه شيئاً، وتعطيه شيئاً آخر، تسرق منه طمأنينة الروح، وتعطيه صلابة التجربة، تسرق منه دفء المكان، وتعطيه معرفة قيمة الأشياء.
لكن الغربة تبقى في نهاية المطاف تجربة لا ينبعث منها ضوء كامل، ولا ينطفئ فيها الأمل بالكامل، هي رحلة بين قوتين، صبر المغترب، وحنين الوطن.
ومع كل ذلك، يظلّ في قلب كل مغترب رغبة واحدة لا تشبهها رغبة، أن يعود يوماً إلى تلك الأرض التي غادرها، أن يمشي في الشوارع التي حفظها طفلاً، ويصافح الوجوه التي افتقدها، ويجلس على عتبة البيت الذي بقي في ذاكرته مهما تغيّر، تلك العودة ليست مجرّد سفرٍ عكسي، بل استعادة لجزءٍ من الروح ظلّ عالقاً هناك، ينتظر صاحبه في صبرٍ طويل.
إن الغربة - مهما حاولنا تجميلها - ليست حياة، هي مرحلة، تجربة، طريق، أما الحياة الحقيقية، فهي هناك، حيث تُحبّ بلا حواجز، وتتنفّس بلا خوف، وتعود لتكون النسخة الأكثر صدقاً من نفسك، وكم هو جميل أن يعيش الإنسان على أمل تلك اللحظة التي يعود فيها لأرض وطنه ليحتضن أبناءه، بعد مسافاتٍ طالت، وقلوبٍ اشتاقت، ودموعٍ ذابت في صمتٍ طويل.
الفيس بوك
http://www.facebook.com/profile.php?id=100000543784644
تويتر
مدونة أرهامونت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق