الاثنين، 9 يناير 2012

قضية/حالة لدراستها…وإبداء مرئياتكم حيالها !

كل يوم خميس على المحبة نلتقي... (قضية/حالة لدراستها…وإبداء مرئياتكم حيالها)...(54)




  • ·                     سأعرض عليكم قضية هذا الأسبوع من خلال مناقشة حدثت مع أحد القريبات تتمحور حول ما يلي:
  • ·                     (حصلت بين بنت وأمها... حيث تدعي البنت أن والدتها عصبية وأنها لم تعد تطيقها ... بل أن حجم المشكلة تضخمت بعد إصابة والدها بمرض عضال مما زاد من حدة توتر العلاقة فيما بينهما ... وأصبحت العلاقة بين البنت وأمها تزداد سوءا مع مرور الوقت ...مما جعل البنت ترى في أمها العصبية الزائدة والتوتر نتج عنه التهزئة الدائمة لها ... مع أنها تدرس في مراحل متقدمة من الجامعة... ولديها هي الأخرى امتحانات ومشكلات بسبب مرض والدها الذي أرق مضجعها). 
  • ·                     وأرى أن التحليل للمشكلة يأتي ضمن الأطر التالية:
1-                     إن الوقوف على الحجج التي تقدّمت بها البنت تجاه والدتها ... حجج ضعيفة ... مما ذكرتها بالآيات القرآنية ...  { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه   وبالوالدين إحسانا}... وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد تنظيم الصفوف في معركة بدر ...كان وقتها عليه السلام مركزا همه على هذه المعركة فوكز أحد الصحابة ... مما ثار هذا الصحابي غضبا ... فعاد إليه عليه الصلاة والسلام... وقال اقتص مني... فبكى الصحابي وقال فديتك بأبي وأمي. 
2-                      إن الحكم على قضايا السماع لطرف دون طرف آخر يشكل صعوبة كبيرة في حل المشكلة، إذا لم تستمع للطرفين على حد سواء... لمواجهة المشكلة بعمق حتى يتسنى التمثل في القدرة على استقصاء الأسباب الحقيقية من ورائها. 
3-                     اتهمت في آرائي بالتحيز... لما أشرت إليها بالتصالح مع والدتها فخير الناس هو من يستطيع حل مشاكله وتحجيمها وليس إشعالها وكأنني بذلك ملت لطرف على حساب طرف آخر. 
4-                       نظرتي حيال المشكلة أنني لم أر أنها بين متخاصمين بل أن الخصومة من طرف واحد كيف لا وهي والدتها ... التي جعلت الجنة تحت أقدامها. 
5-                      استناداً إلى ما تقدّم، أرى أنّ أحد أهم أسباب الخصومة تتمركز حول التهزئة، لكن التهزئة ممن تكون من الأم لا أعتبرها تهزئة إلا إذا جاءت من الآخرين فلها حينئذ الحق في الرد أو الغضب الأبدي. 
6-                      وإذا كنت أقف حذرا أمام هذا الاستنتاج، فإن  ذلك كان خطوة هامة لإقامة جسر التواصل بين البنت ووالدتها على أسس، بنت وأم  تحفظ لها حقوقها مهما كان مقدار خطئها على البنت  الذي يقوم على التجاوز المستمر للذات. 
7-                     لكنني، بعد كل ما تقدّم من حجج للبنت،  أجد أن البنت مهما بررت من حيثيات...ومهما كانت هناك من أسباب...لعلّ الموقف من هذه المشكلة هو التأكيد إلى ما ذهب إليه... حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه... عندما جاءه رجلا قائلاً أنه حج بأمه سبع حجات على ظهره ... فهل نال جزاؤها ... ومشيرا له عليه السلام أن هذا لا يعادل طلقة من طلقات الولادة. 
8-                     وآخر سبب يمكننا أن نرجع إليه حدّة الخصومة بين البنت وأمها، هو فارق السنّ... وربما التعليم والثقافة...وعليه ينبغي للبنت أن تكون محور البوصلة في البيت وحل الإشكاليات وليس الانعزال في الغرفة تاركة الحبل على الغارب. 
9-                     ربما تحامل البنت على والدتها، أنها " كانت في مرحلة المراهقة حيث ترى أنها أصبحت مركز اهتمام الأسرة جميعها بل وتعتز بشخصيتها أمام حتى أقرب الناس لها، حتى لو كانت والدتها. 
10-             وربما أن تكون مغرورة أو تجمع بين الصفتين في الوقت نفسه... على حين كانت والدتها كبيرة السن وترى في نفسها أنها تملك الخبرة وترى الصالح العام لأبنتها وأسرتها. 
11-            كلّ هذه الأسباب التي ذكرتها، كان لها تأثير في نشأة الخصومة حول البنت ووالدتها وهي أمور تحدث دائما في البيوت بصفة مستمرة ...غير أن أقوى هذه الأسباب، هو خروج البنت عن المألوف عندما طلبت منها الذهاب لوالدتها طلبا في الاعتذار مما حدث بينهما... مع أنني لم أفكر أن أكون وصياً على تفكير تلك البنت...وبخاصة أن لديها غدا امتحان في الجامعة... ليأتي ذلك ضمن إصلاح الأمور ... وتهدئة النفوس ... ولكي يرتاح الضمير ...إلا أن مثل هذا الأمر قوبل بالرفض من قبل البنت... مذكرا إلى أهمية قصة  إبراهيم مع ولده إسماعيل عليهما السلام...عندما رأى في المنام أن يذبحه ... فما هو رد إسماعيل عليه السلام افعل ما تؤمر ... ونلاحظ الفرق بين الشخصيتين والزمنين. 
12-            وخلاصة الكلام أن الخصومة بين البنت ووالدتها، ما هي إلاّ حدث تحدث يوميا في جميع البيوت... وإذا كانت هذه الخصومة لم تحتدم إلاّ مع بنت وأمها، فالصراع بينهما له أثره في ذلك...بين بنت تتمسّك بشخصيتها وشموخها أمام والدتها، وأم لها أحقيتها واحترامها مهما كانت الأسباب والمسببات...وما فارق السن والخبرة إلاّ مظاهر لهذا الصراع الشخصي، ولسُنّة الحياة والتطوّر الحضاري الذي غزانا من جميع جوانبه. 
13-            وإذا كنت قد حصرت الخصومة بين البنت وأمها بسبب التهزئة... فإنني أتساءل: متى تعي البنت حق أمها؟! وهل يمكن للبنت أن تعتز بشخصيتها أمام والدتها؟ ومتى نستفيد من التاريخ وأحداثه وقصصه وعبره؟! وهل أنتم مع البنت أن تسجن نفسها ولم تتنازل عن كبريائها لتتصالح مع والدتها...أم مع والدتها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما تعليله؟  
14-            لم تقتصر الخصومة على المظاهر السابقة، وإنما أثارت قضايا عديدة، كانت هي بالتالي سبباً من أسباب تلك المشاكل التي تحدث في البيوت... فالخصومة، والحال هذه، كانت ميداناً لنقاش الكثير من القضايا، التي يمكننا  إجمالها في الأمور التالية:
-                       إن معيار الخصومة بينهما... هو طريقة، بمدى اقترابهما من هذه الطريقة أو ابتعادهما عنها، هو مقياس الحكم عليهما بالتقديم أو التأخير... والمفارقة أن الطريقة في هذا المجال، هي أن ما يُعدّ سبباً في الاعتزاز بالشخصية عند طرف، هو نفسه سببُ تأخيره عند الطرف الآخر، والعكس صحيح. 
-                      كلما ازداد تمسك البنت بدينها كلما كان سلوكها في الحياة منضبطاً صالحاً نافعاً لها ولغيرها في الدنيا والآخرة، وبعكس ذلك كل ما صدر ويصدر عنها من سلوك خاطئ وضار ولا أخلاقي تجاه نفسها أو غيرها؛ فهو نتيجة طبيعية لضعف دينها ورقابتها لربها، وهذا تماماً هو ضعف الوازع الديني، إذاً فضعف الوازع الديني يعتبر فعلاً دون مبالغة سبباً لكل فساد في العلاقة بين البنت وأمها.  
-                      ولابدّ من الإشارة، هنا، إلى أنني أضع هذه القضية أمامكم على ألا تتبنوا موقف/رأي كاتبها بقدر ما تتبنوا آراءكم حيالها  ... مع حرصي الشديد على سماع آرائكم ... أشكركم . 






إعداد مغلي الجميع


ابو ... د. بدر ... فالح الخطيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق