الأحد، 8 يناير 2012

الثقة بالنفس !



كل يوم  خميس على المحبة نلتقي...(الثقة بالنفس!)...(29)

 

 

 

• حينما تكون - أخي الغالي - واثقاً من نفسك راضياً عنها قانعاً بما قسمه لك الله، فربما يأتي إليك شخص آخر... صديقاً، أو قريباً، أو مديراً مسؤولاً.. لزعزعة ثقتك بنفسك - ليسر إليك بأن تتماشى مع روح العصر - نفاقاً... كذباً ... مجاملةً - فمن الصعوبة بمكان على الإنسان أن يرتدي ثياباً ليست له، ويلبس قبعةً لا تعنيه... ويتقمص شخصيةً لا تناسبه، حيث سيموت وهو على قيد الحياة لأنه بالفعل فقد مصدر الطاقة في رحلة الحياة ألا وهي الثقة بالنفس.
• ولأن الأقنعة المزيفة سوف تزول آجلاً أو عاجلاً وستنكشف حقيقة الشخصية التي لن ترضى عنها أنت قبل غيرك، ليس ذلك فحسب، بل أنك سوف تتعب نفسياً لأنك جعلت من نفسك مصدراً لرثاء تلك النفس الميتة!، والأكثر من ذلك أنك سوف تسقط من أعين من كانوا يعتقدون يوماً أنك شيء عظيم وعظيم جداً!
• فمن يملئ عليك سلوكاً، وتأخذ به، سيتحول مع مرور الزمن إلى عادة... ولن ترتاح بينك وبين نفسك، حيث تشعر بالذنب الذي يراودك من حين لآخر! بذلك يستغل ما أنت فيه من وضع شخصي ضعيف... والإنسان منا مهما استطاع أن يضحك على الآخرين ويكذب عليهم فإنه لا يستطيع أن يضحك على نفسه دائماً، ولا يقدر أن يقنع نفسه بأن ما يقوم به هو الصحيح على مدى مسيرة هذه الحياة.
• إن السؤال الذي ربما أننا بحاجة إلى إجابة مقنعة له، هو لماذا نبدو على غير حقيقتنا؟ لماذا نلبس أقنعة ليست لنا؟ لماذا ننتحل شخصية غير شخصيتنا؟ ولصالح مَنْ هذا كله وعلى أي أساس نساير الزمن وفق منظور أو توجيه شخص آخر من قريب ... صديق... مدير... رئيس... لكي نفقد الثقة بأنفسنا؟؟
• إن الإنسان منا حينما يحاول أن يساير قريبه... صديقه... مديره... مسؤوله... ليكسب وده أو على الأقل صداقته، فهذا ليس بالأمر السيئ , ولكن في حدود المعقول، لأن الإنسان في حاجة للناس... لماذا؟ ... لأنه كائن بشري اجتماعي بطبعه، لا غنى له عن ذلك.
• فالثقة بالنفس تعني احترامك لنفسك، احترامك لذاتك، فكلما كان احترامك لذاتك أكبر، كلما كانت ثقتك بنفسك أكثر، وأكثر.
• خذ مثلاً قصة الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، عندما كان يلعب مع أصحابه في أحد طرقات المدينة المنورة، فمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالقرب منهم، فهرب كل من كان مع عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إلا هو، فقد بقي واقفاً في مكانه، فسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لماذا لم تهرب كما فعل أصحابك ؟ فقال لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك... ولم أفعل شيئاً... فأخافك... ومن خلال هذه القصة الجميلة ... وما فيها من نبل، يتبين أن الثقة بالنفس، هي تماسك الشخصية، ووقوف الشخص وقوفاً سليماً دقيقاً على واقعه الذاتي، وواقعه الاجتماعي، دون أن تسيطر على ذهنه مفاهيم خاطئة عن نفسه أو عن توجيه من الآخرين سواءً كان قريباً أو صديقاً أو مديراً مسؤولاً، كما فعل أصحاب الزبير له من توجيه غير مباشر بهروبهم مع بقائه ثابت الجأش غير مقتنع بما قام به أصدقاؤه الآخرون.
• كما أن لنا في قصة عبد الله بن الزبير رضي الله عنه المثل الأعلى، والقدوة الحسنة، حيث تقدم لنا مفهوما متكاملا عن الثقة بالنفس من حيث عدم الخوف... والاضطراب من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهذا يدل على تماسك شخصيته أولاً، وثانياً هو وقوف عبد الله بن الزبير وقوفاً واقعياً على واقعه الذاتي حين قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولم أفعل شيئاً فأخافك، وهذه معرفة للواقع الداخلي، بأنه لم يخطئ حتى يخاف منه، وثالثاً فهو الوقوف على الواقع الاجتماعي، حين قال لأمير المؤمنين ولم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك، وذلك من خلال أن الإنسان يعرف البيئة التي يعيش فيها، ويتعامل معها، وحتى يكون الإنسان واثقاً من نفسه متماسكاً من الجوانب الشخصية... عليه أن يتعرف على واقعه الذاتي، وعلى ما يمتلك من طاقات... ومهارات... وقدرات... يستغلها ويعرف الواقع الاجتماعي، ومتطلباته وحاجاته ويتعامل معه/ معها بهدوء وثبات.
• فالعلاقات القائمة على الزيف... والكذب... والمجاملة... والرسمية... المبالغ فيها، والأنانية... ليضطر الإنسان من خلالها أن يكسب قريباً، أو صديقاً، أو مديراً ... وبالتالي يخسر نفسه ويمحو شخصيته التي تربى عليها طوال هذه السنين؟.
• ما يهمنا هنا هو ذلك الإنسان الذي يساعدنا بكل الوسائل الممكنة، والإمكانات المتاحة، على أن نكون نحن واثقين بأنفسنا، وألا نغيّر من شخصيتنا مهما يكن هناك من إغراءات... وأن التغيير الذي يأتي، لابد أن يكون نابعاً منا نحن وعن قناعة شخصية، وليس تحت ضغط من هو أعلى منا صلاحية... أو مسؤولية... أو تمثل إسقاطات على شخصية الإنسان من أي كائن كان... فهل نلام حينما لا نحب مثل ذلك الإنسان القريب، أو الصديق، أو المدير المسؤول؟
• كما أننا لسنا في حاجة إلى ما يسمى بدبلوماسية العصر وفق منظور المفاهيم المعاصرة حالياً التي تدعو إلى المجاملة... الكذب... النفاق... لأجل مصلحة / مصالح دنيوية (ما) .
• والثقة لا تتنافى مع ما نرسمه من خرائط إيجابية في عقلنا الباطن مع أخذ الحذر والحيطة أثناء التعامل مع الآخرين حتى نكسب الآخرين بدلاً من أن نخسرهم ونخسر الكثير ... فالحياة مليئة بالخير إلى أن تقوم الساعة....وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.






إعداد مغلي الجميع


ابو د. بدر ... فالح الخطيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق